عندما تنفعل الأم تحت ضغط الشّريك النّرجسي : كيف تصلح؟

في البيوت التي يكون فيها أحد الوالدين ذا شخصية نرجسية خفية، تعيش الأم تحت ضغط الشّريك النّرجسي مما يشكّل ضغطا نفسيّا كبيرا. فالنرجسي الخفي لا يهاجم بصوت مرتفع أو بعنف ظاهر، بل يمارس نوعًا من السيطرة الهادئة عبر التلاعب العاطفي، وإشاعة الشك، وزعزعة الاستقرار بين أفراد الأسرة. ومع تكرار هذه المواقف، قد تجد الأم نفسها منفعلة أو متوترة، وأحيانًا تتصرف بطريقة تندم عليها لاحقًا.

مع ذلك فالخطأ بحدّ ذاته ليس المشكلة، بل كيفية التعامل معه بعد وقوعه. فحين تدرك الأم أن انفعالها كان نتيجة ضغط متواصل، يمكنها تحويل لحظة الضعف إلى فرصة لإعادة بناء الثقة داخل البيت.

أولاً: الاعتراف لا يُضعفك بل يعلّم أبناءك الصدق

على سبيل المثال عندما تقول الأم لأطفالها بهدوء:

“كنت متوترة اليوم وانفعلت أكثر من اللازم، وأنا آسفة إن خوّفتكم أو ضايقتكم.”
فهي لا تفقد هيبتها، بل تمنح أبناءها درسًا في الصدق والمسؤولية العاطفية. الاعتذار لا يعني ضعفًا، بل نضجًا نفسيًا وشجاعة داخلية.

ثانيًا: حماية الأبناء من شعور الذنب

من الطبيعي أن يظن الأطفال أن سبب الخلاف هو وجودهم أو تصرفهم، لذلك من المهم أن توضّح الأم أن المشكلة ليست فيهم، وأن ما حدث كان بسبب التوتر بين الكبار أو ضغط الموقف، لا أكثر.

ثالثًا: استعادة الأمان بعد العاصفة

بعد أي لحظة غضب، يحتاج الأبناء إلى إشارة بسيطة تُعيد لهم شعور الطمأنينة: عناق، جلسة حكاية قصيرة، أو حتى ابتسامة صادقة. فالأمان العاطفي يُبنى بتفاصيل صغيرة متكرّرة.

رابعًا: لا حاجة لتبريرات مطوّلة

الأم ليست مطالبة بشرح كل خلفيات الصراع أو كشف أساليب ضغط الشّريك النّرجسي أمام الأطفال، لأن ذلك يربكهم أكثر. يكفي أن يفهموا أن الأم تتعامل مع أمور صعبة لكنها تظل قوية ومحبّة.

خامسًا: العناية بالذات ضرورة لا رفاهية

حين تكون الأم تحت ضغط الشّريك النّرجسي بشكل دائم ومتكرّر عليها أن تجد مساحة شخصية للهدوء: ممارسة التأمل، الكتابة، أو الحديث مع شخص تثق به. فكلما استعادت توازنها الداخلي، استطاعت أن تكون سندًا لأبنائها دون أن تنهك نفسها.

سادسًا: تحويل الموقف إلى درس تربوي

مثلا يمكن للأم أن تقول لاحقًا:

“أحيانًا نغضب أو نخطئ، لكن الأهم أن نعتذر ونحاول نكون أفضل.”
هكذا يتعلم الأبناء أن النضج لا يعني الكمال، بل القدرة على الإصلاح.

الخلاصة:
بالرّغم أنّه لا توجد أم مثالية، لكن توجد أم تتعلّم وتراجع نفسها وتعتذر بشجاعة. وعندما يرى الأبناء هذا النموذج أمامهم، فإنهم يكبرون وهم يؤمنون أن الإنسان القوي ليس من لا يخطئ، بل من يعرف كيف يُصلح بحبّ واتزان مهما كان ضغط الشّريك النّرجسي الخفيّ كبيرا.